دور العمل الاجتماعي في دعم ضحايا الكوارث: رحلة نحو التعافي والأمل

دور العمل الاجتماعي في دعم ضحايا الكوارث: رحلة نحو التعافي والأمل

مقدمة
في عالم يواجه تحديات متزايدة من الكوارث الطبيعية والبشرية، يبرز دور العمل الاجتماعي كجسر للأمل والدعم لضحايا هذه الأزمات. سواء كانت كوارث طبيعية كالزلازل والفيضانات، أو أزمات من صنع الإنسان كالحروب والنزاعات، فإن العاملين الاجتماعيين يلعبون دورًا محوريًا في تقديم الدعم النفسي والمادي والاجتماعي. في هذا المقال، نستعرض أهمية العمل الاجتماعي في مساندة ضحايا الكوارث، مع تسليط الضوء على استراتيجيات تحسين حياتهم وتعزيز قدرتهم على التعافي، مع الاستناد إلى مراجع عربية وأجنبية موثوقة.
ما هو العمل الاجتماعي وعلاقته بالكوارث؟
العمل الاجتماعي هو مهنة تهدف إلى تحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات من خلال تقديم خدمات متنوعة تشمل الإرشاد، الدعم النفسي، وتنظيم الموارد. في سياق الكوارث، يصبح هذا الدور أكثر أهمية، حيث يواجه الضحايا تحديات مثل فقدان المأوى، الانفصال عن الأسرة، والصدمات النفسية. بحسب دراسة أجرتها الجمعية الوطنية للأخصائيين الاجتماعيين (NASW) في الولايات المتحدة، فإن العاملين الاجتماعيين هم خط الدفاع الأول في تقديم الرعاية الشاملة للمتضررين من الكوارث.
في السياق العربي، يشير الباحث محمد عبد الفتاح (2020) في كتابه "العمل الاجتماعي في الأزمات" إلى أن العاملين الاجتماعيين في المنطقة العربية يواجهون تحديات إضافية بسبب نقص الموارد والتدريب، لكنهم يظلون عنصرًا حيويًا في إعادة بناء المجتمعات المتضررة.
أهمية العمل الاجتماعي في دعم ضحايا الكوارث
  1. الدعم النفسي والعاطفي
    غالبًا ما يعاني ضحايا الكوارث من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). هنا يأتي دور العامل الاجتماعي في تقديم جلسات إرشاد فردية وجماعية. وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2022، فإن التدخل النفسي المبكر يقلل من تفاقم المشكلات النفسية بنسبة تصل إلى 40%.   
  2. توفير الموارد الأساسية
    يساعد العاملون الاجتماعيون في ربط الضحايا بالموارد مثل الطعام، الملابس، والمأوى من خلال التنسيق مع المنظمات الإنسانية. في دراسة محلية أجرتها جامعة القاهرة (2021)، تبين أن العمل الاجتماعي ساهم في توزيع المساعدات بشكل عادل في أعقاب الفيضانات التي ضربت السودان.
  3. إعادة التماسك الاجتماعي
    الكوارث غالبًا ما تؤدي إلى تفكك الأسر والمجتمعات. العاملون الاجتماعيون يعملون على إعادة توحيد العائلات وتنظيم برامج تعزز التضامن الاجتماعي، مثل ورش العمل المجتمعية.
استراتيجيات العمل الاجتماعي في مواجهة الكوارث
  • التخطيط المسبق للكوارث
    يشمل ذلك تدريب العاملين الاجتماعيين على الاستجابة السريعة وإعداد خطط طوارئ. دراسة أجنبية أشارت إلى أن الدول التي تمتلك خططًا مسبقة تقلل من الخسائر البشرية بنسبة 25% (Smith, 2023).
  • التدخل أثناء الأزمة
    يركز هذا الجانب على تقديم المساعدة الفورية، مثل إنشاء مراكز إيواء مؤقتة وتوزيع المساعدات. في لبنان، بعد انفجار مرفأ بيروت 2020، لعب العاملون الاجتماعيون دورًا كبيرًا في مساعدة المتضررين (تقرير الهلال الأحمر، 2021).
  • إعادة التأهيل بعد الكارثة
    تشمل هذه المرحلة مساعدة الضحايا على استعادة حياتهم الطبيعية من خلال برامج إعادة التأهيل النفسي والاقتصادي. على سبيل المثال، في الأردن، نفذت جمعيات محلية برامج تدريب مهني للنازحين السوريين.
التحديات التي تواجه العمل الاجتماعي في دعم ضحايا الكوارث
على الرغم من أهمية هذا الدور، تواجه المهنة العديد من العقبات، منها:
  • نقص التمويل: غالبًا ما تعاني المنظمات الاجتماعية من ضعف الموارد المالية، مما يحد من قدرتها على التدخل بفعالية.
  • الضغط النفسي على العاملين: يتعرض العاملون الاجتماعيون لضغوط نفسية كبيرة نتيجة التعامل المستمر مع المآسي.
  • ضعف التنسيق: في بعض الحالات، يفتقر العمل الاجتماعي إلى التنسيق مع الجهات الحكومية والدولية.
كيف يمكن تعزيز دور العمل الاجتماعي؟
  1. التدريب المستمر: يجب تطوير برامج تدريبية متخصصة للعاملين الاجتماعيين تركز على إدارة الكوارث.
  2. استخدام التكنولوجيا: يمكن للتطبيقات الذكية ومنصات التواصل تسهيل عملية التواصل مع الضحايا وتوزيع المساعدات.
  3. الشراكات الدولية: التعاون مع منظمات مثل الأمم المتحدة يعزز من قدرات العاملين الاجتماعيين في المناطق المنكوبة.
دراسات حالة واقعية
  • زلزال تركيا وسوريا 2023: لعب العاملون الاجتماعيون دورًا بارزًا في تقديم الدعم النفسي للأطفال الذين فقدوا ذويهم، بالإضافة إلى تنظيم حملات جمع التبرعات.
  • فيضانات السعودية 2019: ساهمت الجمعيات الاجتماعية في إعادة تأهيل العائلات المتضررة من خلال برامج الإسكان المؤقت.
خاتمة
في الختام، يمثل العمل الاجتماعي ركيزة أساسية في دعم ضحايا الكوارث، حيث يساهم في تخفيف معاناتهم وبناء مستقبل أفضل لهم. من خلال تعزيز الاستراتيجيات والتغلب على التحديات، يمكن لهذا المجال أن يصبح أكثر فعالية في مواجهة الأزمات. إن استثمار المجتمعات في العاملين الاجتماعيين هو استثمار في الإنسانية ذاتها.
المراجع
  1. عبد الفتاح، محمد (2020). العمل الاجتماعي في الأزمات. القاهرة: دار المعرفة.
  2. تقرير الهلال الأحمر اللبناني (2021). الاستجابة لانفجار مرفأ بيروت.
  3. World Health Organization (2022). Mental Health in Emergencies.
  4. Smith, J. (2023). Social Work and Disaster Management. New York: Academic Press.
  5. جامعة القاهرة (2021). دور العمل الاجتماعي في إدارة الكوارث في السودان.
تعليقات