إصدار سلوك حركي سيء غير مرغوب لدى طلاب المدارس: لماذا يقفز أحياناً على الطاولة ويصرخ في الفصل؟

إصدار سلوك حركي سيء غير مرغوب لدى طلاب المدارس: لماذا يقفز أحياناً على الطاولة ويصرخ في الفصل؟
أ. تعريف السلوك الحركي السيء وحدوده الطبيعية والمرضية
  • السلوك الحركي السيء (Disruptive Motor Behavior) هو أي حركة متكررة أو مفرطة يصدرها الطفل داخل الفصل تؤدي إلى تعطيل الدرس، إيذاء الآخرين، أو تعريض سلامته للخطر، ولا يستطيع الطفل إيقافها بسهولة حتى مع التحذير.

  • فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) اضطراب عصبي بيولوجي يظهر قبل سن 12، يتميز بثلاثة أعراض رئيسية: فرط الحركة، الاندفاع، نقص الانتباه، وتكون غير متناسبة مع عمر الطفل (حسب دليل DSM-5).
  • السلوك العدواني الحركي هو فعل يهدف أو يؤدي لإيذاء جسدي أو نفسي مثل الضرب، الدفع، الرمي، العض، أو تكسير الأشياء.
  • التململ الحركي (Fidgeting) حركات صغيرة لا إرادية كتحريك القدمين أو اللعب بالأصابع، وهي غالباً وسيلة طبيعية لتنظيم الطاقة العصبية.
  • اضطراب التصرف المعارض المتحدي (ODD) نمط مستمر من الغضب، الانتقام، رفض أوامر الكبار، ويتداخل كثيراً مع السلوك الحركي السيء.
ب. الأسباب العميقة وراء السلوك الحركي المزعج
  • اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هو السبب الأول عالمياً وتشخيصه يرتفع في مجتمعاتنا العربية بسرعة.
  • نقص النوم المزمن يرفع الكورتيزول ويقلل الدوبامين المنظم للحركة.
  • التعرض للعنف الأسري أو التنمر يتحول إلى طاقة عدوانية حركية.
  • كثرة الشاشات (أكثر من 4 ساعات يومياً) تغير كيمياء الدماغ.
  • نقص الأوميغا-3 والحديد والمغنيسيوم يؤثر مباشرة على الجهاز العصبي.
ج. علامات الخطر التي لا يجوز تجاهلها
  • إيذاء النفس أو الآخرين دون شعور بالذنب.
  • الخروج المفاجئ من الفصل والركض بلا هدف.
  • عدم القدرة على الجلوس أكثر من 5 دقائق حتى في الألعاب المحببة.
  • تقلب المزاج السريع من البكاء إلى الضحك الهستيري.
د. حلول عملية ومبتكرة ثبتت فعاليتها في المدارس العربية
  • زاوية الهدوء: كرسي مريح، كرة ضغط، سماعات عازلة، لوحة رسم لا نهائية.
  • الكرسي المتحرك الآمن: قاعدة دوارة تسمح بالحركة دون إزعاج.
  • لعبة التمثال الحي: كلمة «تمثال» تجمد الجميع وتدرب الطفل على التحكم.
  • الطاقة المسموحة: 5 دقائق ركض كل ساعتين دراسة.
  • تمارين التنفس الدائري 4-4-6 أمام الفصل جماعياً.
  • بطاقات المهمات الصغيرة في الجيب كتذكير بصري.
ه. دور الأسرة في علاج السلوك الحركي السيء
  • تقليل الشاشات إلى أقل من ساعتين ونوم ثابت.
  • إفطار غني بالبروتين والأوميغا-3 يومياً.
  • رياضة جماعية مع الأب أو الأم مرتين أسبوعياً.
  • الصندوق السحري: يسترد الطفل لعبته بعد إنجاز الواجب.
و. استراتيجيات المعلم الناجح
  • تجاهل السلوك السيء البسيط ومكافأة الجيد فوراً.
  • تقسيم الدرس إلى شرائح 7-10 دقائق مع استراحة حركية.
  • تحويل الطفل إلى مساعد المعلم (توزيع الأوراق، مسح السبورة).
  • الساعة الرملية الملونة 3 دقائق لإنهاء مهمة.
ز. متى نلجأ إلى الطبيب أو الأخصائي؟
  • استمرار السلوك أكثر من 6 أشهر رغم كل المحاولات.
  • ظهور اكتئاب أو قلق شديد مع الحركة المفرطة.
  • إيذاء النفس عمداً.
  • وجود تاريخ عائلي للـ ADHD أو التوحد.
ح. قصص نجاح حقيقية من مدارس عربية
  • مدرسة بالرياض خفضت الطرد من 42 إلى 6 حالات بعد زاوية الهدوء والكرسي المتحرك.
  • معلمة بالقاهرة حوّلت طفلاً يرمي الكراسي إلى موزع الابتسامة.
  • أم بالأردن عالجت ابنها باليوغا 10 دقائق يومياً لمدة شهرين فقط.
بصفتي قارئ ومطلع للعديد من الكتب والأبحاث والدراسات المختلفة في علم النفس التربوي وعلم الاجتماع التربوي على مدى أكثر من خمسة عشر عاماً، أرى أن أخطر ما نواجهه اليوم هو تحويل الطفل النشيط إلى «مريض» بمجرد أن يتحرك أكثر من اللازم. معظم الحالات التي نطلق عليها «سلوك حركي سيء» هي في الحقيقة استغاثة صامتة من طفل يغرق في عالم رقمي سريع ويفتقد الحركة الطبيعية والحنان الحقيقي. أنا مقتنع تماماً أن 80% من هذه الحالات تشفى بالحركة المنظمة والحب الذكي وليس بالعقاب أو الدواء. المدرسة والمنزل إذا اتحدا على لغة واحدة من القبول والتوجيه، سنكتشف أن أكثر الأطفال «إزعاجاً» هم غالباً الأذكى والأكثر إبداعاً، فقط يحتاجون قناة آمنة لطاقتهم الهائلة.
تعليقات