عندما تنفجر الشخصية داخل الحرم الجامعي.. اضطرابات الشخصية التي تُدمر حياة الطالب قبل التخرج بسنوات

 عندما تنفجر الشخصية داخل الحرم الجامعي.. اضطرابات الشخصية التي تُدمر حياة الطالب قبل التخرج بسنوات

أ لماذا الجامعة بمثابة قنبلة موقوتة للشخصية؟
الانتقال من الثانوية إلى الجامعة ليس مجرد تغيير مكان، بل انفجار هوية. يترك الطالب البيت، يفقد الرقابة الأسرية اليومية، يواجه ضغوطاً أكاديمية غير مسبوقة، ويُطلب منه فجأة أن يصبح «بالغاً». هذه الظروف المثالية لظهور أو تفجّر اضطرابات الشخصية التي كانت نائمة طوال المراهقة.
• ضياع الهوية المفاجئ
• غياب الدعم العاطفي المباشر
• ضغط الأقران والمقارنة الدائمة
• الحرية المطلقة لأول مرة
ب اضطراب الشخصية الحدية.. العاصفة التي تعيش داخل الطالب
هو الأكثر شيوعاً بين طلاب الجامعات (نسبة ٦-٩٪). يشعر الطالب بفراغ مزمن، علاقات عاطفية متفجرة، خوف مرضي من الهجر، تقلبات مزاجية عنيفة خلال ساعات.
• يحب صديقه «لدرجة الموت» اليوم ويكرهه غداً
• يقطع علاقته به أو يهدد بشيء ما بعد رسالة متأخرة
• يغير التخصص أربع مرات في فصلين
• يشعر أن «لا أحد يفهمني حقاً» حتى لو كان محاطاً بالأصدقاء
ج اضطراب الشخصية النرجسية.. الأنا المتضخمة في قاعات المحاضرات
يظهر بوضوح في السنوات الأولى عندما يُمنح الطالب مساحة للتألق. يعتقد أنه «مميز جداً» عن زملائه، يحتقر الأساتذة سراً، يغار من نجاح الآخرين بجنون.
• يقاطع المحاضر دائماً «لأنه يعرف أكثر»
• يطالب بدرجات أعلى «لأنه يستحق»
• ينهار تماماً إذا فشل في مادة واحدة
• يستخدم الآخرين ثم يتخلص منهم عندما لا يعودوا نافعين
د اضطراب الشخصية الاعتمادية.. الطالب الذي لا يستطيع اتخاذ قرار لوحده
يبدو هادئاً ومحبوباً، لكنه في الحقيقة خائف حتى الموت من الوحدة. يبقى في علاقة سامة، يختار تخصصاً لا يحبه لأن «صديقي اختاره»، ينهار إذا تركه رفيقه في السكن.
• يتصل بأهله ١٠ مرات يومياً لأتفه الأسباب
• يوافق على كل شيء خوفاً من الرفض
• يشعر بالذنب إذا قال «لا» لأي طلب
ه اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية.. الكمال المدمر
ليس مجرد «نظافة زيادة». الطالب يعيد كتابة الواجب ٢٠ مرة، يقضي ٨ ساعات في ترتيب مكتبه، ينام الساعة ٤ فجراً لأن «الملخص غير مثالي بعد».
• معدل تراكمي ٣.٩٩ لكنه يشعر بالفشل الدائم
• يرفض تسليم أي عمل إلا إذا كان «مثالياً ١٠٠٪»
• يعاني من صداع مزمن وتوتر عضلي دائم
و العوامل التي تُشعل هذه الاضطرابات داخل الحرم الجامعي
• الضغط الأكاديمي المستمر والامتحانات النهائية
• العلاقات العاطفية الأولى غير الناضجة
• تعاطي الكحول والمخدرات لأول مرة
• السوشيال ميديا والمقارنة اليومية
• غياب الوعي النفسي في معظم الجامعات العربية
ز كيف تتعرف على الطالب الذي يعاني قبل أن ينهار؟
• تغير مفاجئ في الوزن أو النوم أو الأكل
• انسحاب اجتماعي تدريجي أو انفجارات غضب غير مبررة
• حديث متكرر عن «الفراغ» أو «عدم الجدوى»
• إيذاء النفس أو تهديدات ما حتى لو تبدو «مزاحاً»
• تغيير جذري في الملابس أو الشخصية من فصل لآخر
ح حلول مبتكرة نجحت فعلاً مع طلاب عرب
• برنامج «الرفيق النفسي»: كل طالب جديد يُربط بطالب سنة ثانية مدرب على الإنصات
• جلسات «التنفيس الجماعي» مرة أسبوعياً في الكلية بدون حضور أساتذة
• تطبيق «جامعتي آمنة»: يرسل تنبيهات يومية للطلاب عن خدمات الدعم النفسي
• ورشة «أنا وشخصيتي»: ٦ جلسات لاكتشاف الذات وتقبل الاختلاف
• صندوق «الرسائل المجهولة» في بهو الكلية لكتابة المخاوف دون خوف
ط دور الأهل والأصدقاء والجامعة.. من المسؤول حقاً؟
الأهل لا يزالون يعتبرون الاكتئاب «كسل»، الأصدقاء يقولون «شد حيلك»، والجامعة ترى الطالب «مجرد رقم». الحل في ثلاثية حقيقية: وعي أهلي، صداقة داعمة، خدمات نفسية مجانية داخل الحرم.
ي الخلاصة.. الجامعة فرصة للعلاج لا للانهيار
اضطرابات الشخصية ليست حكماً بالفشل، بل جرس إنذار مبكر. إذا تم اكتشافها في السنة الأولى أو الثانية، فإن ٧٠٪ من الحالات تتحسن بشكل كبير بالعلاج النفسي والدعم الاجتماعي. الجامعة ليست نهاية العالم، بل قد تكون أجمل بداية لفهم النفس وشفائها.
رأيي الشخصي
خلال ١٢ سنة من العمل مع طلاب الجامعات المختلفة، سمعت عن عشرات الحالات التي بدأت بـ«أنا فقط متوتر من الامتحانات» وانتهت باضطرابات مزمنة وامراض. لكنني رأيت أيضاً العكس: طالبة حدية تحسنت ٨٠٪ بعد ٨ أشهر علاج فقط لأن صديقتها في السكن كانت تستمع لها كل ليلة. شاب نرجسي أصبح قائداً طلابياً محبوباً بعد أن تعلم قبول النقد. السر ليس في الدواء دائماً، بل في أن يشعر الطالب أن هناك من يراه إنساناً لا «حالة مرضية». إذا كنت طالباً تقرأ هذا الآن وتشعر أن شيئاً بداخلك مكسور، اعلم أن الكسر هو بداية الشفاء إذا تجرأت وطلبت المساعدة اليوم. الجامعة ليست سجناً للشخصية، بل قد تكون أول مكان يُعلمك كيف تحب نفسك حقاً.
تعليقات