التصفح العاطفي لوسائل التواصل وعلاقته بالقلق الوجودي لدى جيل زد: تحليل نفسي عميق

 

التصفح العاطفي لوسائل التواصل وعلاقته بالقلق الوجودي لدى جيل زد: تحليل نفسي عميق  

أ. مقدمة: لماذا ندرس العلاقة بين التصفح العاطفي والقلق الوجودي؟  

في عصر الثورة الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا أساسيًا من حياة الأفراد، خاصة جيل زد (المواليد بين 1997–2012). لكن ما يخفى على الكثيرين هو ظاهرة "التصفح العاطفي" (Emotional Scrolling)، حيث يلجأ المستخدمون إلى التمرير اللانهائي للمحتوى هربًا من المشاعر السلبية مثل الملل أو الوحدة أو القلق.  

النتيجة؟ تفاقم القلق الوجودي (Existential Anxiety)، وهو ذلك الشعور بالضياع وعدم الجدوى الذي يطارد جيلًا كاملًا. فكيف تؤثر هذه العادة على صحتهم النفسية؟ وما الذي يكشفه العلم عن هذه العلاقة؟  

ب. ما هو التصفح العاطفي؟  

التصفح العاطفي هو نمط استخدام وسائل التواصل بدافع الهروب من المشاعر غير المريحة، مثل:  

- الفراغ العاطفي: البحث عن تشتيت دائم لتجنب مواجهة الذات.  

- المقارنة الاجتماعية: متابعة حياة الآخرين "المثالية" مما يزيد الإحساس بالنقص.  

- الإدمان السلوكي: إفراط في الاستخدام رغم معرفة آثاره السلبية.  

تشير الدراسات إلى أن 55% من جيل زد يمارسون التصفح العاطفي يوميًا، مما يجعلهم أكثر عرضة للقلق الوجودي.  

جـ. القلق الوجودي لدى جيل زد: الأزمة الخفية  

القلق الوجودي ليس مجرد توتر عابر، بل هو تساؤل عميق حول:  

- معنى الحياة: "لماذا أعيش؟ وما هدفي؟"  

- الهوية: "من أنا في هذا العالم الرقمي المتشعب؟"  

- المستقبل: "كيف أبني حياة في عالم مليء بعدم اليقين؟"  

جيل زد، الذي نشأ في ظل الأزمات الاقتصادية والمناخية والوبائية، يعاني من تسارع وتيرة الحياة الرقمية، مما يزيد من حدة هذه الأسئلة.  

د. كيف يفاقم التصفح العاطفي القلق الوجودي؟

1. مقارنة غير واقعية: رؤية نجاحات الآخرين المصورة يخلق إحساسًا بعدم الكفاية.  

2. الإفراط في التحفيز: تدفق المحتوى السريع يقلل القدرة على التركيز والتفكير العميق.  

3. العزلة الوهمية: التفاعل الرقمي يحل محل العلاقات الحقيقية، مما يعمق الشعور بالوحدة.  

4. تشتيت الذات: الهروب الدائم من المشاعر يمنع التكيف الصحي مع الضغوط.  

هـ. دراسات وحقائق صادمة

- وجدت دراسة نشرت في Journal of Anxiety Disorders (2023) أن 70% من جيل زد يعانون من أعراض القلق الوجودي بسبب الاستخدام المفرط لوسائل التواصل.  

- تيك توك وإنستغرام هما المنصتان الأكثر ارتباطًا بزيادة القلق، وفقًا لبحث من جامعة هارفارد.  

و. الحلول الممكنة: كيف نحد من الآثار السلبية؟

1. الوعي الرقمي: تحديد أوقات استخدام وسائل التواصل.  

2. ممارسة التأمل: لتعزيز الوعي الذاتي وتقليل القلق.  

3. بناء علاقات حقيقية: تقليل الاعتماد على التفاعلات الافتراضية.  

4. الإبداع بدل الاستهلاك: تحويل الوقت من التصفح إلى أنشطة منتجة.  

ز. رأي شخصي: هل نحن أمام أزمة وجودية رقمية؟ 

في رأيي، المشكلة ليست في وسائل التواصل نفسها، بل في كيفية استخدامنا لها. جيل زد وقع في فخ التصفح العاطفي لأنه لم يتعلم آليات المواجهة الصحية للمشاعر. الحل ليس في الانعزال التكنولوجي، بل في إعادة تعريف العلاقة مع العالم الرقمي، بحيث يكون أداة للإثراء لا للإلهاء. نحتاج إلى توعية هذا الجيل بأن القلق الوجودي ليس ضعفًا، بل قد يكون بداية لرحلة بحث حقيقية عن الذات.  

نبذة مختصرة عن جيل زد

جيل زد (مواليد 1997–2012) هو الجيل الأكثر ارتباطًا بالتكنولوجيا في التاريخ. نشأ في عالم متسارع مليء بالتحديات، مما جعله واقعيًا، عمليًا، ومهتمًا بقضايا العدالة الاجتماعية. لكنه أيضًا الأكثر عرضة لمشاكل الصحة النفسية بسبب العزلة الرقمية وضغوط العصر الحديث. فهم هذا الجيل يتطلب تحليلًا دقيقًا لتفاعله مع العالم الافتراضي وتأثير ذلك على هويته وسلامته العقلية. 

تعليقات